أنصحك بدراسة العقيدة عن علمائنا الراسخين في العلم
منتدى بلدية الزيتونة :: المنبر الإسلامي :: عقيدة أهل السنة والجماعة :: أخطاء في العـقـيـدة و المـنـهــج
صفحة 1 من اصل 1
أنصحك بدراسة العقيدة عن علمائنا الراسخين في العلم
أنصحك بدراسة العقيدة عن علمائنا الراسخين في العلم
بقلم: أحمد جزاع محمد الرضيمان
عضو الجمعية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة
اطلعت على تعقيب الدكتور عبد السلام الزهراني على مقالي المنشور في صحيفة الوطن في عددها رقم 2575، وما كنت أحب معاودة الكتابة حول الموضوع نفسه، لولا أن الكاتب - هداه الله - ضمن تعقيبه أخطاء اعتقادية، وتجهيلا لعلماء السلف، وخللا في المنهج العلمي، وسأذكر بعضا منها:
أولا: الأخطاء الاعتقادية:
1- ظهر لي أن الكاتب الدكتور الزهراني يستبعد إثبات صفة المجيء لله تعالى، لأنه توهم أن إثبات ذلك يلزم منه الحلول، ولهذا فقد وجه لي سؤالا هذا نصه: "هل تثبت لله تعالى المجيء؟ وإلى أي مكان يجيء؟ والله -سبحانه- منزه عن المكان والحلول".
وجوابي:
نعم أثبت لله تعالى صفة المجيء، كما أثبت لله تعالى كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل، وأنفي عنه ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن بعض الناس يمثل ثم يعطل، فهو يقيس الخالق بالمخلوق، ويظن أن ما يلزم المخلوق يلزم الخالق، وليس الأمر كذلك فربنا تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وخالف أهل السنة والجماعة في هذه الصفة، أهل التحريف والتعطيل، فقالوا: إن الله لا يأتي، لأنك إذا أثبت أن الله يأتي، ثبت أنه جسم، والأجسام متماثلة، فنقول: هذه دعوى وقياس باطل، لأنه في مقابلة النص..ما المانع من أن يأتي الله بنفسه على الكيفية التي يريدها؟).
ثم أقول للدكتور دعوى أن قوله تعالى "وجاء ربك" هو من مجاز الحذف، تقديره: وجاء أمر ربك، لا داعي له: لأن الكلام مستقيم تام المعنى بدون إضمار، واستقامة اللفظ لا تتوقف على هذا المحذوف، ثم إن في السياق ما يبطل هذا التقدير، وهو قوله تعالى: "وجاء ربك والملك صفا صفا" فعطف مجيء الملك حقيقة، وهكذا قوله تعالى "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك" ففرق بين إتيان الملائكة، وإتيان الرب، وإتيان بعض آيات الرب، فقسم ونوع، ومع هذا التقسيم يمتنع أن يكون القسمان قسما واحدا.
وأما الرواية المنقولة عن الإمام أحمد، فقد تكلم فيها أهل العلم، كما في كتاب "المسائل المروية عن الإمام أحمد" وغيرها، فقالوا إن هذه الرواية غلط على الإمام أحمد، فإن حنبلا تفرد به عنه، وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه، وإذا تفرد بما خالف المشهور عنه، فالخلال وصاحبه لا يثبتان ذلك، فهي رواية شاذة مخالفة لجادة مذهبه.
وعلى فرض صحتها عن الإمام أحمد، فإنه ذكرها على وجه الإلزام والمعارضة لخصومه، بما يعتقدونه في نظير ما احتجوا به عليه، لا أنه يعتقد ذلك، والمعارضة لا تستلزم اعتقاد المعارض صحة ما عارض به.
2- زعمه أن إجراء النصوص على ظاهرها مفض للتجسيم، وهذا هو الذي دعا ابن القيم - كما يقول الدكتور - لإنكار المجاز، غير صحيح، وتقول على ابن القيم رحمه الله، ثم كيف يعتبر الدكتور إثبات صفات الله تجسيما فهذه المسميات، التجسيم، والجوهر، والجهة وغيرها، لم يرد في الكتاب والسنة نفيها ولا إثباتها، فهي ألفاظ مجملة، لابد من إيضاحها، ليقبل المعنى الحق، ويرد المعنى الباطل.
أما نفي الصفات بدعوى أن إثباتها يتضمن التجسيم، فهو عمل غير صالح، لأن إثبات الصفات حق ثابت بالسمع والعقل، والحق لا يمكن أن يقوم على نفيه دليل صحيح، وأي دليل يقام على إبطال هذا الحق فهو باطل.
3- تساءل الدكتور الزهراني: هل تقسيم التوحيد، كان معروفا عند السلف أم إنه حادث بعد القرون المفضلة؟
وجوابي عن ذلك، نعم، تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، معروف عند السلف، قال مجاهد بن جبر وهو أحد التابعين في قوله تعالى: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" إيمانهم قولهم "الله خالقنا، ويرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره".
وقال أبو حنيفة المولود سنة 80 "والله يدعى من أعلى، لا من أسفل، لأن الأسفل، ليس من وصف الربوبية، والألوهية في شيء" فذكر الربوبية والألوهية، وذكر العلو لله، وهو من توحيد الأسماء والصفات كما ذكر ذلك أيضا ابن بطة في كتابه الإبانة.
وأما تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف فهو تقسيم مستقيم المعنى، بخلاف من اصطلح على لفظ الحقيقة والمجاز، فإنه اصطلاح حادث، وليس بمستقيم المعنى، كما تقدم بيانه.
ثانيا: تجهيله لعلماء السلف:
1- قال عن ابن القيم رحمه الله (وما علم أن المجاز كان سيخدمه لتقرير ما يريد) فابن القيم لا يعلم في نظر الكاتب الزهراني.
2- قال عن ابن القيم أيضا (استجار من الرمضاء بالنار) وفي هذا سوء أدب مع أئمة السلف وعلمائهم.
3- تجهيله لأحد المشايخ المدرسين في المسجد النبوي، وإظهاره بمظهر الجهل، وضحالة الفكر، من خلال القصة التي ذكرها عنه، وتلك القصة التي ذكرها لا خطام لها ولا زمام، وإنما هي مبنية على أسانيد مجهولة.
ونحن نطالبه بالتوثيق، فليسم الشيخ وليذكر المرجع، لا سيما وهو يطالب بالمنهج العلمي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة، فليسم القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على الكذب).
ثالثا: الخلل في المنهج العلمي:
1- ذكر الكاتب: أن القائل بالمجاز، هم السواد الأعظم، بل هو إجماع الأصوليين، والفقهاء، والبلاغيين.
أقول: هذه مجازفة، فما هو المنهج العلمي الذي سلكته - أيها الدكتور - لتصل إلى هذه النتيجة؟
فإنك إن أردت بالسواد الأعظم، كل من تكلم في أصول الفقه من السلف والخلف، فليس الأمر كذلك، فمعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي، وهو لم يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز، بل لا يعرف في كلامه مع كثرة استدلاله وتوسعه، ومعرفته الأدلة الشرعية، أنه سمى شيئا منه مجازا، ولا ذكر في شيء من كتبه ذلك، لا في الرسالة، ولا في غيرها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فمن اعتقد أن المجتهدين المشهورين، وغيرهم من أئمة الإسلام وعلماء السلف، قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز، كما فعله طائفة من المتأخرين، كان ذلك من جهله، وقلة معرفته بكلام أئمة الدين، وسلف المسلمين).
والأصوليون يذكرون في مساءل أصول الفقه مذاهب المجتهدين، كمالك والشافعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وداود، وهؤلاء هم أحق الناس بمعرفة أصول الفقه، ولم يقسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز.
وإن أردت الأصوليين والفقهاء المتأخرين، فهذا الشنقيطي يقول: (وقد أوضحنا في رسالتنا المسماة: منع المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز).
وهذا الفقيه الشيخ ابن عثيمين يقول: (وأكبر دليل على امتناع المجاز في القرآن، أن من علامات المجاز صحة نفيه، وتبادر غيره لولا القرينة، وليس في القرآن ما يصح نفيه..).
فأين دعوى الإجماع - أيها الدكتور - إلا إن كنت تعني إجماع الجهمية والمعتزلة؟
وكيف تقصي أقوال هؤلاء العلماء المتقدمين والمتأخرين، والغريب أنك تتهم غيرك بإقصاء الرأي الآخر، فهل هذا الصنيع يوافق المنهج العلمي؟
2- ذكر الكاتب: أن عمرو بن عبيد المتوفى سنة 144 قال بالمجاز. وأقول: عمرو بن عبيد هو رأس المعتزلة، وقد ذكرت في مقالي السابق أن منشأ المجاز، هو من جهة المعتزلة والجهمية.
ويظهر لي أن الدكتور لا يعرف من هو عمرو بن عبيد، ولا يعرف ماذا قال عنه السلف.
قال الذهبي رحمه الله في ترجمة عمرو بن عبيد، هو عمرو بن عبيد أبو عثمان البصري، معتزلي ضال، صاحب واصل بن عطاء في بدعة المنزلة بين المنزلتين.
وقد أنكر عليه السلف، قال عنه يحيى بن معين: (لا يكتب حديثه، فقيل له، كان يكذب؟ فقال: كان داعية إلى دينه..) وقال عنه ابن عدي في الكامل: (كفانا السلف مؤونته، وبينوا بدعته).
3- ذكر الكاتب المجاز في الآية الكريمة (واسأل القرية..)، مع أني ذكرت في المقال السابق الجواب عن ذلك، ونقلت كلام الشيخ ابن باز رحمه الله، حيث قال: (الصحيح الذي عليه المحققون أنه ليس في القرآن مجاز، على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله، فقوله سبحانه "واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها" المراد بذلك سكان القرية، وأصحاب العير، وعادة العرب تطلق القرية على أهلها والعير على أصحابها، وذلك من سعة اللغة العربية، وكثرة تصرفها في الكلام، وليس من باب المجاز المعروف في اصطلاح أهل البلاغة..) والمنهج العلمي يقتضي أن يجيب الدكتور عن هذا الجواب، لا أن يكرر ما سبق طرحه.
4- قلت في مقالي السابق بأنه لا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء، والأصمعي، كما لم يوجد في كلام واحد من الصحابة ولا من التابعين، ولا في كلام أحد من الأئمة الأربعة، أنه نطق بلفظ المجاز المعروف عند البلاغيين، ومع ذلك يتهمنا الدكتور أننا لم نذكر إلا قول ابن القيم، فهل هذا من الأمانة العلمية، والمنهجية المتزنة؟
وأخيرا فإني أشكر الكاتب على نصيحته في الرجوع إلى المصادر الأصلية في اللغة والتوحيد، وهي نصيحة مقبولة ومطبقة ولله الحمد، فأنا أيضا أنصحه - وأرجو أن يقبل نصحي- أن يدرس العقيدة الصحيحة عن علمائنا الراسخين، لا سيما مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ صالح الفوزان، فإن ذلك خير له من حمر النعم.
-------
شبكة الرد ـ السبت 14 ذو القعدة 1428هـ الموافق 24/11/2007م
المصدر: (صحيفة الوطن) الأربعاء 4 ذو القعدة 1428هـ الموافق 14 نوفمبر 2007م العدد (2602) السنة الثامنة
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=75406
بقلم: أحمد جزاع محمد الرضيمان
عضو الجمعية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة
اطلعت على تعقيب الدكتور عبد السلام الزهراني على مقالي المنشور في صحيفة الوطن في عددها رقم 2575، وما كنت أحب معاودة الكتابة حول الموضوع نفسه، لولا أن الكاتب - هداه الله - ضمن تعقيبه أخطاء اعتقادية، وتجهيلا لعلماء السلف، وخللا في المنهج العلمي، وسأذكر بعضا منها:
أولا: الأخطاء الاعتقادية:
1- ظهر لي أن الكاتب الدكتور الزهراني يستبعد إثبات صفة المجيء لله تعالى، لأنه توهم أن إثبات ذلك يلزم منه الحلول، ولهذا فقد وجه لي سؤالا هذا نصه: "هل تثبت لله تعالى المجيء؟ وإلى أي مكان يجيء؟ والله -سبحانه- منزه عن المكان والحلول".
وجوابي:
نعم أثبت لله تعالى صفة المجيء، كما أثبت لله تعالى كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل، وأنفي عنه ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن بعض الناس يمثل ثم يعطل، فهو يقيس الخالق بالمخلوق، ويظن أن ما يلزم المخلوق يلزم الخالق، وليس الأمر كذلك فربنا تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وخالف أهل السنة والجماعة في هذه الصفة، أهل التحريف والتعطيل، فقالوا: إن الله لا يأتي، لأنك إذا أثبت أن الله يأتي، ثبت أنه جسم، والأجسام متماثلة، فنقول: هذه دعوى وقياس باطل، لأنه في مقابلة النص..ما المانع من أن يأتي الله بنفسه على الكيفية التي يريدها؟).
ثم أقول للدكتور دعوى أن قوله تعالى "وجاء ربك" هو من مجاز الحذف، تقديره: وجاء أمر ربك، لا داعي له: لأن الكلام مستقيم تام المعنى بدون إضمار، واستقامة اللفظ لا تتوقف على هذا المحذوف، ثم إن في السياق ما يبطل هذا التقدير، وهو قوله تعالى: "وجاء ربك والملك صفا صفا" فعطف مجيء الملك حقيقة، وهكذا قوله تعالى "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك" ففرق بين إتيان الملائكة، وإتيان الرب، وإتيان بعض آيات الرب، فقسم ونوع، ومع هذا التقسيم يمتنع أن يكون القسمان قسما واحدا.
وأما الرواية المنقولة عن الإمام أحمد، فقد تكلم فيها أهل العلم، كما في كتاب "المسائل المروية عن الإمام أحمد" وغيرها، فقالوا إن هذه الرواية غلط على الإمام أحمد، فإن حنبلا تفرد به عنه، وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه، وإذا تفرد بما خالف المشهور عنه، فالخلال وصاحبه لا يثبتان ذلك، فهي رواية شاذة مخالفة لجادة مذهبه.
وعلى فرض صحتها عن الإمام أحمد، فإنه ذكرها على وجه الإلزام والمعارضة لخصومه، بما يعتقدونه في نظير ما احتجوا به عليه، لا أنه يعتقد ذلك، والمعارضة لا تستلزم اعتقاد المعارض صحة ما عارض به.
2- زعمه أن إجراء النصوص على ظاهرها مفض للتجسيم، وهذا هو الذي دعا ابن القيم - كما يقول الدكتور - لإنكار المجاز، غير صحيح، وتقول على ابن القيم رحمه الله، ثم كيف يعتبر الدكتور إثبات صفات الله تجسيما فهذه المسميات، التجسيم، والجوهر، والجهة وغيرها، لم يرد في الكتاب والسنة نفيها ولا إثباتها، فهي ألفاظ مجملة، لابد من إيضاحها، ليقبل المعنى الحق، ويرد المعنى الباطل.
أما نفي الصفات بدعوى أن إثباتها يتضمن التجسيم، فهو عمل غير صالح، لأن إثبات الصفات حق ثابت بالسمع والعقل، والحق لا يمكن أن يقوم على نفيه دليل صحيح، وأي دليل يقام على إبطال هذا الحق فهو باطل.
3- تساءل الدكتور الزهراني: هل تقسيم التوحيد، كان معروفا عند السلف أم إنه حادث بعد القرون المفضلة؟
وجوابي عن ذلك، نعم، تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، معروف عند السلف، قال مجاهد بن جبر وهو أحد التابعين في قوله تعالى: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" إيمانهم قولهم "الله خالقنا، ويرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره".
وقال أبو حنيفة المولود سنة 80 "والله يدعى من أعلى، لا من أسفل، لأن الأسفل، ليس من وصف الربوبية، والألوهية في شيء" فذكر الربوبية والألوهية، وذكر العلو لله، وهو من توحيد الأسماء والصفات كما ذكر ذلك أيضا ابن بطة في كتابه الإبانة.
وأما تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف فهو تقسيم مستقيم المعنى، بخلاف من اصطلح على لفظ الحقيقة والمجاز، فإنه اصطلاح حادث، وليس بمستقيم المعنى، كما تقدم بيانه.
ثانيا: تجهيله لعلماء السلف:
1- قال عن ابن القيم رحمه الله (وما علم أن المجاز كان سيخدمه لتقرير ما يريد) فابن القيم لا يعلم في نظر الكاتب الزهراني.
2- قال عن ابن القيم أيضا (استجار من الرمضاء بالنار) وفي هذا سوء أدب مع أئمة السلف وعلمائهم.
3- تجهيله لأحد المشايخ المدرسين في المسجد النبوي، وإظهاره بمظهر الجهل، وضحالة الفكر، من خلال القصة التي ذكرها عنه، وتلك القصة التي ذكرها لا خطام لها ولا زمام، وإنما هي مبنية على أسانيد مجهولة.
ونحن نطالبه بالتوثيق، فليسم الشيخ وليذكر المرجع، لا سيما وهو يطالب بالمنهج العلمي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة، فليسم القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على الكذب).
ثالثا: الخلل في المنهج العلمي:
1- ذكر الكاتب: أن القائل بالمجاز، هم السواد الأعظم، بل هو إجماع الأصوليين، والفقهاء، والبلاغيين.
أقول: هذه مجازفة، فما هو المنهج العلمي الذي سلكته - أيها الدكتور - لتصل إلى هذه النتيجة؟
فإنك إن أردت بالسواد الأعظم، كل من تكلم في أصول الفقه من السلف والخلف، فليس الأمر كذلك، فمعلوم أن أول من عرف أنه جرد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي، وهو لم يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز، بل لا يعرف في كلامه مع كثرة استدلاله وتوسعه، ومعرفته الأدلة الشرعية، أنه سمى شيئا منه مجازا، ولا ذكر في شيء من كتبه ذلك، لا في الرسالة، ولا في غيرها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فمن اعتقد أن المجتهدين المشهورين، وغيرهم من أئمة الإسلام وعلماء السلف، قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز، كما فعله طائفة من المتأخرين، كان ذلك من جهله، وقلة معرفته بكلام أئمة الدين، وسلف المسلمين).
والأصوليون يذكرون في مساءل أصول الفقه مذاهب المجتهدين، كمالك والشافعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وداود، وهؤلاء هم أحق الناس بمعرفة أصول الفقه، ولم يقسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز.
وإن أردت الأصوليين والفقهاء المتأخرين، فهذا الشنقيطي يقول: (وقد أوضحنا في رسالتنا المسماة: منع المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز).
وهذا الفقيه الشيخ ابن عثيمين يقول: (وأكبر دليل على امتناع المجاز في القرآن، أن من علامات المجاز صحة نفيه، وتبادر غيره لولا القرينة، وليس في القرآن ما يصح نفيه..).
فأين دعوى الإجماع - أيها الدكتور - إلا إن كنت تعني إجماع الجهمية والمعتزلة؟
وكيف تقصي أقوال هؤلاء العلماء المتقدمين والمتأخرين، والغريب أنك تتهم غيرك بإقصاء الرأي الآخر، فهل هذا الصنيع يوافق المنهج العلمي؟
2- ذكر الكاتب: أن عمرو بن عبيد المتوفى سنة 144 قال بالمجاز. وأقول: عمرو بن عبيد هو رأس المعتزلة، وقد ذكرت في مقالي السابق أن منشأ المجاز، هو من جهة المعتزلة والجهمية.
ويظهر لي أن الدكتور لا يعرف من هو عمرو بن عبيد، ولا يعرف ماذا قال عنه السلف.
قال الذهبي رحمه الله في ترجمة عمرو بن عبيد، هو عمرو بن عبيد أبو عثمان البصري، معتزلي ضال، صاحب واصل بن عطاء في بدعة المنزلة بين المنزلتين.
وقد أنكر عليه السلف، قال عنه يحيى بن معين: (لا يكتب حديثه، فقيل له، كان يكذب؟ فقال: كان داعية إلى دينه..) وقال عنه ابن عدي في الكامل: (كفانا السلف مؤونته، وبينوا بدعته).
3- ذكر الكاتب المجاز في الآية الكريمة (واسأل القرية..)، مع أني ذكرت في المقال السابق الجواب عن ذلك، ونقلت كلام الشيخ ابن باز رحمه الله، حيث قال: (الصحيح الذي عليه المحققون أنه ليس في القرآن مجاز، على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله، فقوله سبحانه "واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها" المراد بذلك سكان القرية، وأصحاب العير، وعادة العرب تطلق القرية على أهلها والعير على أصحابها، وذلك من سعة اللغة العربية، وكثرة تصرفها في الكلام، وليس من باب المجاز المعروف في اصطلاح أهل البلاغة..) والمنهج العلمي يقتضي أن يجيب الدكتور عن هذا الجواب، لا أن يكرر ما سبق طرحه.
4- قلت في مقالي السابق بأنه لا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء، والأصمعي، كما لم يوجد في كلام واحد من الصحابة ولا من التابعين، ولا في كلام أحد من الأئمة الأربعة، أنه نطق بلفظ المجاز المعروف عند البلاغيين، ومع ذلك يتهمنا الدكتور أننا لم نذكر إلا قول ابن القيم، فهل هذا من الأمانة العلمية، والمنهجية المتزنة؟
وأخيرا فإني أشكر الكاتب على نصيحته في الرجوع إلى المصادر الأصلية في اللغة والتوحيد، وهي نصيحة مقبولة ومطبقة ولله الحمد، فأنا أيضا أنصحه - وأرجو أن يقبل نصحي- أن يدرس العقيدة الصحيحة عن علمائنا الراسخين، لا سيما مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ صالح الفوزان، فإن ذلك خير له من حمر النعم.
-------
شبكة الرد ـ السبت 14 ذو القعدة 1428هـ الموافق 24/11/2007م
المصدر: (صحيفة الوطن) الأربعاء 4 ذو القعدة 1428هـ الموافق 14 نوفمبر 2007م العدد (2602) السنة الثامنة
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=75406
مواضيع مماثلة
» [تصحيح العقيدة
» العلامة صالح الفوزان : لن يجمع الناس إلا العقيدة الصحيحة
» في صفة الله تعالى العلم
» أهمية مذاكرة العلم
» اقوال اهل العلم في محمد حسين يعقوب
» العلامة صالح الفوزان : لن يجمع الناس إلا العقيدة الصحيحة
» في صفة الله تعالى العلم
» أهمية مذاكرة العلم
» اقوال اهل العلم في محمد حسين يعقوب
منتدى بلدية الزيتونة :: المنبر الإسلامي :: عقيدة أهل السنة والجماعة :: أخطاء في العـقـيـدة و المـنـهــج
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى