نعمة الامن وتحقيق العبودية لله
صفحة 1 من اصل 1
نعمة الامن وتحقيق العبودية لله
نعمة الامن وتحقيق العبودية لله (خطبة مفرغة)
بقلم » الشيخ سليم الهلالي
خطبة فضيلة الشيخ ابي اسامة سليم بن عيد الهلالي حفظه الله
مسجد العباس بن عبد المطلب
منطقة طارق - مدينة عمان
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون }
{ يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }
{ يا ايها الذين اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }..
فإنّ أصدق الحديث كلام الله - سبحانه - ، و خير الهدي هدي محمّدٍ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، و شرّ الأمور محدثاتها ، و كلّ محدثةٍ بدعة ، و كلّ بدعةٍ ضلالة ، و كلّ ضلالةٍ في النّار .
أما بعد :
عباد الله
يقول الله تعالى في محكم تنزيله مخبرا عن أبي الأنبياء ، وخليل الرحمن ابراهيم عليه السلام :
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (إبراهيم : 35 ) )
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (البقرة : 126 )
هذه دعوة ودعاء دعوة ابي الانبياء ودعاء خليل الرحمن ، وهذه الدعوة البيضاء النقية ممتدة حتى وصلت الى نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم :
" انا دعوة ابي ابراهيم وبشرى اخي عيسى " وهذا الدعاء الذي تتضرع به الخليل صلى الله عليه وسلم لرب السماء لا يزال يتبعون ملة ابراهيم صلى الله عليه وسلم يكررونه ويذكرونه في كل آن وحين ، وكلما عصفت بهم الخطوب وثارت بهم الفتن قالوا : ( رب اجعل هذا بلدا آمنا )
هذه الدعوة الابراهيمية السمحة النقية التي ذكرها الله في موطنين في سورتين ، في سورة ابراهيم وسورة البقرة قامت على ثلاثة امور :
الامر الاول :
كرر فيه ايتين مرتين
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً )
كرر الدعاء بالمن والامان مرتين لعظمته ، ولفضله ، ولاهميته ، فان الذي يدرك اهمية الامن والامان يعلم ان هاتين النعمتين تقدمان على الطعام والشراب والهواء وهذا واضح في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اخرجه الترمذي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من أصبح آمنا في سره ، معافا في بدنه ، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا "
هذا الامر الاول الذي دعا به الخليل عليه السلام
واما الامر الثاني :
فهو الدعاء والدعوة
دعاء في الثبات ودعوة الى التوحيد
(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )
دعوة الى التوحيد ودعاء بالثبات على التوحيد والسنة .
وأما الامر الثالث :
وهو قوله تعالى :
( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
هذه الامور نذكرها ونذكر بها نربطها بحياتنا اليومية وواقعنا المعاصر فان هذه الامور الثلاثة هي التي يقوم عليها بناء المجتمع ، وهي التي تتوحد بها كلمة الامة ، وهي التي بها يصنع المسلمون خير امة . فان نبينا صلى الله عليه وسلم هو دعوة ابينا ابراهيم وبشرى عيسى عليه السلام ، دعا ابراهيم صلى الله عليه وسلم بامر كرر بالايتين كما ذكرت ، وهذا لفضله واهميته وبيان منزلته ، في سنن الله الكونية والشرعية ، وهو ان تعيش الامة بامن وان تعيش الامة بامان ، وان تعيش الامة في ظلال دينها ، في ظلال قرانها ، في ظلال سنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم .
تعبد الله كما اراد الله
تقيم دين الله كما انزله الله ، لان نعمة الامن ليست مقصودة لذاتها وانما مقصودة ليحقق المسلم عبودية الله تبارك وتعالى ، كما في اية التمكين واية الاستخلاف في سورة النور :
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (النور : 55 )
اذن عندما يمن الله تبارك وتعالى على الامة بالمن والايمان انما يريد الله عز وجل من الامة ان تقيم عبوديته تبارك وان تنتظم في دين الله عز وجل وان تكون خير امة اخرجت للناس .
وقد عاش الصحابة الكرام رضي الله عنهم في العهد المكي في خوف وفي ترقب ، يخافون ان يتخطفهم الناس ، ولكن هذا الجو المشحون بالخوف والقلق والاضطراب كان مدرسة تربوية صنع فيها محمد صلى الله عليه وسلم جيل القدوة الاول .
انظر الى هذا الصحابي الخباب بن الارت بأتي الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوسدا بردة له في ظل الكعبة ، ياتي الى النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ألا تدعو لنا ، ألا تستنصر لنا
عذبتهم قريش ، سجنتهم قريش ، طاردتهم قريش ، هاجروا من بلادهم مرتين الى الحبشة ، فيرد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي يوحى اليه من ربه أن يتم الامر كما اراد الله سبحانه وتعالى فيقول :
" كان الرجل ممن كان قبلكم يؤتى به فينشر بالمنشار فيجعل نصفين ويؤتى بامشاط الحديد لا يصدنه ذلك عن دينه " .
الرسول صلى الله عليه وسلم لا زال يربي ، لا زال يذكر ، لا زال يثبت ، فهو ينظر الى اصحابه وينظر الى اتباعه يريد ان يصلب عودهم وان تتم تربيتهم ، لان مثلهم ومثل رسولهم صلى الله عليه وسلم كما قال الله تبارك وتعالى :
(وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الفتح : 29 )
هذا الزرع لا بد له من ان يتعهده المربي والمزارع لا بد ان يسقيه ويرويه ، حتى يستوي ، حتى يستغلظ على سوقه .
لم تكن تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم ردود فعل لمواقف معينة ، انما كانت تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناء امة ، ثم بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" والله ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف الا الله او الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون " .
اذن : عندما رباهم عاى التوحيد وعندما رباهم على السنة واستحقوا الاستخلاف والتمكين في الارض بشرهم ووعدهم بذلك ، فكان الامر كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم
اقرؤوا ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من مبشرات في انتشار الاسلام وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من مبشرات لهذه الامة ولن تجدوا امرا واحدا تخلف عن ما ذكره رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فقد بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهم في قعر الجزيرة العربية وهم يومئذ امة مستضعفة بشرهم بفتح الشام ففتحت الشام ، بشرهم بفتح العراق ففتحت ، بشرهم بفتح مصر ففتحت ، بشرهم بفتح صتعاء واليمن ففتحت ، كما اخبر الرسول صلى الله عليه وسلم .
ان كلام رسولنا صلى الله عليه وسلم ليس نرة عجلى ، وليس نظرة تقال لاسترضاء الناس او استعطافهم ، انما هو تحصيل منهجي في حياة الامة ، لكي ترقى هذه الامة الى مصاف خير الامم ، لتكون خير الامم كما وصفها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
اذن : نعمة الامن والامان انما هي وسيلة للامر الثاني الذي دعا فيه ابراهيم صلى الله عليه وسلم
( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام ) ، يدعو الخليل صلى الله عليه وسلم بان يثبتع الله على التوحيد .
وابراهيم عندما بعث كان امة وحده ، لم يكن في الارض موحدا الا هو ، فالموحد لو كان لوحده هو الأمة ، فان الموحد لوكان لوحده هو الجماعة ، لان الجماعة والامة لا تقاس بعدد الاشخاص وبعدد الاصابع المرفوعة وانما تقاس بثباتها على دينها وتقاس باستقامتها على امر ربها ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ) .
دعا ربه سبحانه وتعالى ان يبتعد عن عبادة الاصنام وحعلها كلمة باقية في ذريته ، ولذلك دعاهم الى التوحيد وزرع فيهم التوحيد ، فحفظهم الله من عبادة الاصنام .
هذا يوسف عليه السلام
الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم
يوسف ابن يعقول بن اسحاق بن ابراهيم ، ماذا يقول في السجن لصاحبيه في السجن :
(يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (يوسف : 39 ) )
هكذا يا اخوة الايمان
صلاح الاب من صلاح الذرية
صلاح الاباء سبب في صلاح الذرية ، وسبب في حفظ الذرية وسبب في استقامتها على منهج الله تبارك وتعالى ، الم تقرؤوا قول الله تبارك وتعالى :
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً )
بسبب صلاح الاب ، حفظ الله الذرية ، وحفظ الله بقاءها على سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
اذن : هذا الامن وهذا الامان تربية نربي عليها ابناءنا ، ليست انشودة تلقى وليست اغنية تردد وليست دعوة تقصد ، بل هو تربية منذ النشأة الاولى يصاغ عليها الابناء ، حتى يصبحوا رجالا يعرف قيمة هذه النعمة فيشكرون الله عليها .
ربى ابراهيم صلى الله عليه وسلم بنيه على ذلك :
( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )
اذا اردنا ان نصبح مجتمعا امنا باذن الله تبارك وتعالى فيجب ان ندرس هذه المفاهيم لابنائنا لاطفالنا لاولادنا ، لفلذات اكبادنا ، منذ النشاة الاولى ، حتى اذا استووا على سوقهم ، ووجدوا فكرا غريبا او عقيدة ضالة ، او منهجا منحرفا ، وقفوا له بالمرصاد ولم يكونوا له صيدا سهلا لاولئك الذين يصطادون في الماء العكر ، بل -والله- انهم يعكرون الماء الذي يصيدون فيه .
اذن : رباط الامن والامان هو الايمان بالله واليوم الاخر ولذلك قال ابراهيم :
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً )
اذا عاشت الامة في امان وتفيأت الامة نعمة الامن والأمان رزقت من حيث لا تعلم ، وجاء رزقها من كل مكان بفضل الله ومنته ، سبحانه وتعالى
( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
نعم اخوة الايمان
ان الامور الاقتصادية هي قوام الامة فان المال هو قوام الحياة لا قوام للامم بعد الايمان بالله والامن والامان الا في هذا الامر ولكنه لا يقوم الا على محورين :
الامن والأمان
الايمان بالله تبارك وتعالى
( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
ولذلك ضرب الله مثلا بقرية السوء :
وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (النحل : 112 )
اخوة الاسلام
هذه الامور يجب ان تؤسس في حياتنا ، ينبغي ان نربي انفسنا واسرنا واهلينا عليها ايمان بالله ، توحيد ، ثبات على التوحيد ، ثبات على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فان كلمة التوحيد هي اصل توحيد الكلمة ، لا يمكن ان تتوحد الامة الا بتوحيد الله تبارك وتعالى ، ولذلك : ذكر الله لهم في كتابه لعلهم يتفكرون لعلهم يتذكرون :
(لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (الأنفال : 63 )
اذن : توحيد الامة ، لو انفقت يا محمد ما في الارض جميعا من ذهب ابيض او اصفر او بترول لا يمكن ان تؤلف بينهم وان الفت بينهم فهو تاليف آني يقوم على المصلحة ، فاذا ذهبت المصلحة اصبح واقعا ..
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ألف بينهم بكلمة :
لا إله الا الله ، محمد رسول الله
فاصبحوا خير امة اخرجت للناس
القبائل المتناحرة المتنافرة المتحاربة في جزيرة العرب ، كانوا يقتتلون على الماء والكلأ ، فاذا بهم يتحولون من اعداء اشداء كما قال الله تبارك وتعالى :
(وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً (مريم : 97 ) )
أصبحوا خير امة اخرجت للناس
الى الذين يريدون ان يجمعوا الامة لا يمكن ان تجمعوا كلمة الامة الا على التوحيد
اسمعوا لله تبارك وتعالى وهو يقول :
(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (الأنبياء : 92 ) )
ذكر توحيد الكلمة :
( وانا ربكم فاعبدون )
ذكر كلمة التوحيد ، اذن : لا توحيد للكلمة الا بكلمة التوحيد ، الا بلا اله الا الله محمد رسول الله
التي كان يطوف بها محمد صلى الله عليه وسلم بين القبائل في مواطن الحج يقول لهم :
" قولوا لا اله الا الله تفلحوا "
اذن صلاح الامة نجاخ الامة ، فوز الامة ، هو بالتوحيد بكلمة لا اله الا الله
اقول قولي هذا ، واستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى
والصلاة والسلم على النبي المصطفى
واله وصحبه وسلم
اما بعد :
اخوتي في الله
ان مثل المجتمع المسلم كما ورد في احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شبه – كما قلنا في الخطبة الماضية – بالجسد ، وها هو يشبهه في حديث اخر بمثل الذين ركبوا السفينة فاصاب بعضهم اعلاها واصاب بعضهم اسفلها ، فقال الذي في اسفلها : لو اننا خرقنا فيها ثقبا فاخذنا الماء ولم نؤذي من هم فوقنا ، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم فان اخذوا على ايديهم نجوا جميعا وان تركوهم هلكوا جميعا ، سفينة تمخر عباب البحر ، ذات طابقين اعلى و اسفل ، أصاب قوم اعلاها ، وأصاب قوم اسفلها ، فكان الذين في اسفلها اذا ارادوا الماء خرجو الى السطح ليغرفوا من البحر ، فجاء اليهم الشيطان بحيلة ، ليجرفهم وزينها في نظرهم قالوا :
لو انا خرقنا في اسفل السفينة خرقا فاصبح ماء البحر ياتينا لا نتعب بالخروج الى السطح ، ولا نؤذي اخواننا في اعلى السفينة
اذن : الدافع لهم في نظرهم دافع حسن ، قصد طيب ، لكن العلماء يقولون :
ان النية الصالحة ، ان القصد الحسن ، لا يسوغ لك فعل السوء والعياذ بالله وتضليل المسلمين وترويع الامنين ، اما قتل الكفار فوالله ان الكفار في منأى عنه والعياذ بالله تبارك وتعالى .
اخوة الاسلام
هذه دعوة ابراهيم وهذا دعاء ابراهيم موصول ممتد لنبينا حبيب الله ، محمد صلى الله عليه وسلم ، فكما تركها ابراهيم دعوة باقية في عقيبه ، وتركها رسولنا صلى الله عليه وسلم محجة بيضاء لا يحيد عنها الا هالك ولا يتنكرها الا ضال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تركتكم على بيضاء نقية ، ليلها كنهارها لا يزسغ عنها الا هالك "
اخوة الاسلام
لا بد ان نعود لكتاب ربنا الى سنة نبينا ، الى حياة اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
اذا عدنا الى ذلك ، عاد الينا الامان
عادت الينا الخيرية التي جعلها الله فينا
عادت الينا قيادة الامم
التي ارادها الله لنا
واسال الله عز وجل لن يجعل هذا البلد امنا وينجينا وابناءنا من عبادة الاصنام وان يجعله سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين
واسال الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يصلح حكامنا وان يوفقهم لما يحب ويرضى وان يجمع كلمتهم على البر والتقوى
وان يقيد لهم بطانة صالحة
تعينهم على الخير
وان يجنبهم بطانة السوء انه ولي ذلك والقادر عليه
بقلم » الشيخ سليم الهلالي
خطبة فضيلة الشيخ ابي اسامة سليم بن عيد الهلالي حفظه الله
مسجد العباس بن عبد المطلب
منطقة طارق - مدينة عمان
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون }
{ يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }
{ يا ايها الذين اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }..
فإنّ أصدق الحديث كلام الله - سبحانه - ، و خير الهدي هدي محمّدٍ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، و شرّ الأمور محدثاتها ، و كلّ محدثةٍ بدعة ، و كلّ بدعةٍ ضلالة ، و كلّ ضلالةٍ في النّار .
أما بعد :
عباد الله
يقول الله تعالى في محكم تنزيله مخبرا عن أبي الأنبياء ، وخليل الرحمن ابراهيم عليه السلام :
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (إبراهيم : 35 ) )
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (البقرة : 126 )
هذه دعوة ودعاء دعوة ابي الانبياء ودعاء خليل الرحمن ، وهذه الدعوة البيضاء النقية ممتدة حتى وصلت الى نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم :
" انا دعوة ابي ابراهيم وبشرى اخي عيسى " وهذا الدعاء الذي تتضرع به الخليل صلى الله عليه وسلم لرب السماء لا يزال يتبعون ملة ابراهيم صلى الله عليه وسلم يكررونه ويذكرونه في كل آن وحين ، وكلما عصفت بهم الخطوب وثارت بهم الفتن قالوا : ( رب اجعل هذا بلدا آمنا )
هذه الدعوة الابراهيمية السمحة النقية التي ذكرها الله في موطنين في سورتين ، في سورة ابراهيم وسورة البقرة قامت على ثلاثة امور :
الامر الاول :
كرر فيه ايتين مرتين
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً )
كرر الدعاء بالمن والامان مرتين لعظمته ، ولفضله ، ولاهميته ، فان الذي يدرك اهمية الامن والامان يعلم ان هاتين النعمتين تقدمان على الطعام والشراب والهواء وهذا واضح في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اخرجه الترمذي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من أصبح آمنا في سره ، معافا في بدنه ، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا "
هذا الامر الاول الذي دعا به الخليل عليه السلام
واما الامر الثاني :
فهو الدعاء والدعوة
دعاء في الثبات ودعوة الى التوحيد
(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )
دعوة الى التوحيد ودعاء بالثبات على التوحيد والسنة .
وأما الامر الثالث :
وهو قوله تعالى :
( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
هذه الامور نذكرها ونذكر بها نربطها بحياتنا اليومية وواقعنا المعاصر فان هذه الامور الثلاثة هي التي يقوم عليها بناء المجتمع ، وهي التي تتوحد بها كلمة الامة ، وهي التي بها يصنع المسلمون خير امة . فان نبينا صلى الله عليه وسلم هو دعوة ابينا ابراهيم وبشرى عيسى عليه السلام ، دعا ابراهيم صلى الله عليه وسلم بامر كرر بالايتين كما ذكرت ، وهذا لفضله واهميته وبيان منزلته ، في سنن الله الكونية والشرعية ، وهو ان تعيش الامة بامن وان تعيش الامة بامان ، وان تعيش الامة في ظلال دينها ، في ظلال قرانها ، في ظلال سنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم .
تعبد الله كما اراد الله
تقيم دين الله كما انزله الله ، لان نعمة الامن ليست مقصودة لذاتها وانما مقصودة ليحقق المسلم عبودية الله تبارك وتعالى ، كما في اية التمكين واية الاستخلاف في سورة النور :
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (النور : 55 )
اذن عندما يمن الله تبارك وتعالى على الامة بالمن والايمان انما يريد الله عز وجل من الامة ان تقيم عبوديته تبارك وان تنتظم في دين الله عز وجل وان تكون خير امة اخرجت للناس .
وقد عاش الصحابة الكرام رضي الله عنهم في العهد المكي في خوف وفي ترقب ، يخافون ان يتخطفهم الناس ، ولكن هذا الجو المشحون بالخوف والقلق والاضطراب كان مدرسة تربوية صنع فيها محمد صلى الله عليه وسلم جيل القدوة الاول .
انظر الى هذا الصحابي الخباب بن الارت بأتي الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوسدا بردة له في ظل الكعبة ، ياتي الى النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ألا تدعو لنا ، ألا تستنصر لنا
عذبتهم قريش ، سجنتهم قريش ، طاردتهم قريش ، هاجروا من بلادهم مرتين الى الحبشة ، فيرد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي يوحى اليه من ربه أن يتم الامر كما اراد الله سبحانه وتعالى فيقول :
" كان الرجل ممن كان قبلكم يؤتى به فينشر بالمنشار فيجعل نصفين ويؤتى بامشاط الحديد لا يصدنه ذلك عن دينه " .
الرسول صلى الله عليه وسلم لا زال يربي ، لا زال يذكر ، لا زال يثبت ، فهو ينظر الى اصحابه وينظر الى اتباعه يريد ان يصلب عودهم وان تتم تربيتهم ، لان مثلهم ومثل رسولهم صلى الله عليه وسلم كما قال الله تبارك وتعالى :
(وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الفتح : 29 )
هذا الزرع لا بد له من ان يتعهده المربي والمزارع لا بد ان يسقيه ويرويه ، حتى يستوي ، حتى يستغلظ على سوقه .
لم تكن تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم ردود فعل لمواقف معينة ، انما كانت تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناء امة ، ثم بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" والله ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف الا الله او الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون " .
اذن : عندما رباهم عاى التوحيد وعندما رباهم على السنة واستحقوا الاستخلاف والتمكين في الارض بشرهم ووعدهم بذلك ، فكان الامر كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم
اقرؤوا ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من مبشرات في انتشار الاسلام وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من مبشرات لهذه الامة ولن تجدوا امرا واحدا تخلف عن ما ذكره رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فقد بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهم في قعر الجزيرة العربية وهم يومئذ امة مستضعفة بشرهم بفتح الشام ففتحت الشام ، بشرهم بفتح العراق ففتحت ، بشرهم بفتح مصر ففتحت ، بشرهم بفتح صتعاء واليمن ففتحت ، كما اخبر الرسول صلى الله عليه وسلم .
ان كلام رسولنا صلى الله عليه وسلم ليس نرة عجلى ، وليس نظرة تقال لاسترضاء الناس او استعطافهم ، انما هو تحصيل منهجي في حياة الامة ، لكي ترقى هذه الامة الى مصاف خير الامم ، لتكون خير الامم كما وصفها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
اذن : نعمة الامن والامان انما هي وسيلة للامر الثاني الذي دعا فيه ابراهيم صلى الله عليه وسلم
( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام ) ، يدعو الخليل صلى الله عليه وسلم بان يثبتع الله على التوحيد .
وابراهيم عندما بعث كان امة وحده ، لم يكن في الارض موحدا الا هو ، فالموحد لو كان لوحده هو الأمة ، فان الموحد لوكان لوحده هو الجماعة ، لان الجماعة والامة لا تقاس بعدد الاشخاص وبعدد الاصابع المرفوعة وانما تقاس بثباتها على دينها وتقاس باستقامتها على امر ربها ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ) .
دعا ربه سبحانه وتعالى ان يبتعد عن عبادة الاصنام وحعلها كلمة باقية في ذريته ، ولذلك دعاهم الى التوحيد وزرع فيهم التوحيد ، فحفظهم الله من عبادة الاصنام .
هذا يوسف عليه السلام
الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم
يوسف ابن يعقول بن اسحاق بن ابراهيم ، ماذا يقول في السجن لصاحبيه في السجن :
(يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (يوسف : 39 ) )
هكذا يا اخوة الايمان
صلاح الاب من صلاح الذرية
صلاح الاباء سبب في صلاح الذرية ، وسبب في حفظ الذرية وسبب في استقامتها على منهج الله تبارك وتعالى ، الم تقرؤوا قول الله تبارك وتعالى :
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً )
بسبب صلاح الاب ، حفظ الله الذرية ، وحفظ الله بقاءها على سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
اذن : هذا الامن وهذا الامان تربية نربي عليها ابناءنا ، ليست انشودة تلقى وليست اغنية تردد وليست دعوة تقصد ، بل هو تربية منذ النشأة الاولى يصاغ عليها الابناء ، حتى يصبحوا رجالا يعرف قيمة هذه النعمة فيشكرون الله عليها .
ربى ابراهيم صلى الله عليه وسلم بنيه على ذلك :
( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )
اذا اردنا ان نصبح مجتمعا امنا باذن الله تبارك وتعالى فيجب ان ندرس هذه المفاهيم لابنائنا لاطفالنا لاولادنا ، لفلذات اكبادنا ، منذ النشاة الاولى ، حتى اذا استووا على سوقهم ، ووجدوا فكرا غريبا او عقيدة ضالة ، او منهجا منحرفا ، وقفوا له بالمرصاد ولم يكونوا له صيدا سهلا لاولئك الذين يصطادون في الماء العكر ، بل -والله- انهم يعكرون الماء الذي يصيدون فيه .
اذن : رباط الامن والامان هو الايمان بالله واليوم الاخر ولذلك قال ابراهيم :
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً )
اذا عاشت الامة في امان وتفيأت الامة نعمة الامن والأمان رزقت من حيث لا تعلم ، وجاء رزقها من كل مكان بفضل الله ومنته ، سبحانه وتعالى
( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
نعم اخوة الايمان
ان الامور الاقتصادية هي قوام الامة فان المال هو قوام الحياة لا قوام للامم بعد الايمان بالله والامن والامان الا في هذا الامر ولكنه لا يقوم الا على محورين :
الامن والأمان
الايمان بالله تبارك وتعالى
( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )
ولذلك ضرب الله مثلا بقرية السوء :
وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (النحل : 112 )
اخوة الاسلام
هذه الامور يجب ان تؤسس في حياتنا ، ينبغي ان نربي انفسنا واسرنا واهلينا عليها ايمان بالله ، توحيد ، ثبات على التوحيد ، ثبات على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فان كلمة التوحيد هي اصل توحيد الكلمة ، لا يمكن ان تتوحد الامة الا بتوحيد الله تبارك وتعالى ، ولذلك : ذكر الله لهم في كتابه لعلهم يتفكرون لعلهم يتذكرون :
(لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (الأنفال : 63 )
اذن : توحيد الامة ، لو انفقت يا محمد ما في الارض جميعا من ذهب ابيض او اصفر او بترول لا يمكن ان تؤلف بينهم وان الفت بينهم فهو تاليف آني يقوم على المصلحة ، فاذا ذهبت المصلحة اصبح واقعا ..
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ألف بينهم بكلمة :
لا إله الا الله ، محمد رسول الله
فاصبحوا خير امة اخرجت للناس
القبائل المتناحرة المتنافرة المتحاربة في جزيرة العرب ، كانوا يقتتلون على الماء والكلأ ، فاذا بهم يتحولون من اعداء اشداء كما قال الله تبارك وتعالى :
(وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً (مريم : 97 ) )
أصبحوا خير امة اخرجت للناس
الى الذين يريدون ان يجمعوا الامة لا يمكن ان تجمعوا كلمة الامة الا على التوحيد
اسمعوا لله تبارك وتعالى وهو يقول :
(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (الأنبياء : 92 ) )
ذكر توحيد الكلمة :
( وانا ربكم فاعبدون )
ذكر كلمة التوحيد ، اذن : لا توحيد للكلمة الا بكلمة التوحيد ، الا بلا اله الا الله محمد رسول الله
التي كان يطوف بها محمد صلى الله عليه وسلم بين القبائل في مواطن الحج يقول لهم :
" قولوا لا اله الا الله تفلحوا "
اذن صلاح الامة نجاخ الامة ، فوز الامة ، هو بالتوحيد بكلمة لا اله الا الله
اقول قولي هذا ، واستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى
والصلاة والسلم على النبي المصطفى
واله وصحبه وسلم
اما بعد :
اخوتي في الله
ان مثل المجتمع المسلم كما ورد في احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شبه – كما قلنا في الخطبة الماضية – بالجسد ، وها هو يشبهه في حديث اخر بمثل الذين ركبوا السفينة فاصاب بعضهم اعلاها واصاب بعضهم اسفلها ، فقال الذي في اسفلها : لو اننا خرقنا فيها ثقبا فاخذنا الماء ولم نؤذي من هم فوقنا ، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم فان اخذوا على ايديهم نجوا جميعا وان تركوهم هلكوا جميعا ، سفينة تمخر عباب البحر ، ذات طابقين اعلى و اسفل ، أصاب قوم اعلاها ، وأصاب قوم اسفلها ، فكان الذين في اسفلها اذا ارادوا الماء خرجو الى السطح ليغرفوا من البحر ، فجاء اليهم الشيطان بحيلة ، ليجرفهم وزينها في نظرهم قالوا :
لو انا خرقنا في اسفل السفينة خرقا فاصبح ماء البحر ياتينا لا نتعب بالخروج الى السطح ، ولا نؤذي اخواننا في اعلى السفينة
اذن : الدافع لهم في نظرهم دافع حسن ، قصد طيب ، لكن العلماء يقولون :
ان النية الصالحة ، ان القصد الحسن ، لا يسوغ لك فعل السوء والعياذ بالله وتضليل المسلمين وترويع الامنين ، اما قتل الكفار فوالله ان الكفار في منأى عنه والعياذ بالله تبارك وتعالى .
اخوة الاسلام
هذه دعوة ابراهيم وهذا دعاء ابراهيم موصول ممتد لنبينا حبيب الله ، محمد صلى الله عليه وسلم ، فكما تركها ابراهيم دعوة باقية في عقيبه ، وتركها رسولنا صلى الله عليه وسلم محجة بيضاء لا يحيد عنها الا هالك ولا يتنكرها الا ضال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تركتكم على بيضاء نقية ، ليلها كنهارها لا يزسغ عنها الا هالك "
اخوة الاسلام
لا بد ان نعود لكتاب ربنا الى سنة نبينا ، الى حياة اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
اذا عدنا الى ذلك ، عاد الينا الامان
عادت الينا الخيرية التي جعلها الله فينا
عادت الينا قيادة الامم
التي ارادها الله لنا
واسال الله عز وجل لن يجعل هذا البلد امنا وينجينا وابناءنا من عبادة الاصنام وان يجعله سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين
واسال الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يصلح حكامنا وان يوفقهم لما يحب ويرضى وان يجمع كلمتهم على البر والتقوى
وان يقيد لهم بطانة صالحة
تعينهم على الخير
وان يجنبهم بطانة السوء انه ولي ذلك والقادر عليه
المصدر:شبكة المناهج الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى